فلتذهب الحرب بين الجزائر والمغرب إلى الجحيم ولننهج تعاون الصين والهند

الأهالي من الجزائر والمغرب يتواصلون باستمرار على الحدود بينهما

انسحاب الجيش المغربي من منطقة الكركرات الحدودية مع موريتانيا خلال الأيام الماضية كان ولا يزال حديث الساعة، وهي خطوة تأتي بعد غضب مغربي من استفزازات جبهة “البوليساريو” التي تنادي بانفصال الصحراء المغربية عن المملكة وحقها في تقرير مصيرها.

هذه الجبهة التي تمولها وتسلحها الجارة الشرقية الجزائر بشكل علني وتدعم طموحاتها تضع بعرقلتها مرور القوافل التجارية نحو موريتانيا المنطقة على حافة الحرب، حرب ربما تبدأ بهجوم عسكري من القوات المغربية على منطقة لتطهيرها من الجبهة المعادية وقد يكون ذلك سببا لتوسع الحرب ودخول الجزائر على الخط لتتحول المنطقة إلى ساحة حرب مفتوحة على كل الإحتمالات.

على مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية المحلية يبدي كثيرون حماستهم لحرب عسكرية أصبحت ضرورية حسب وجهة نظرهم ولا مفر منها ويبدو أن هؤلاء يتصورون الدخول في نزاع عسكري بمثابة شيء ايجابي للبلدين أو على الأقل للرابح منهما في المعركة.

وفيما ينقسم الرأي العام في البلدين إلى مؤيد للحرب ومعارض لها، فإن التاريخ والواقع يؤكدان أن الحرب بين الجيران في العادة تكون مؤلمة ولا يمحو الجراح سوى التعاون الإقتصادي.

نحن لن نذهب إلى أوروبا حيث العداء الألماني الفرنسي انتهى بعد الحرب العالمية الثانية وتخطي الجانبين دمار الماضي من خلال التعاون الإقتصادي والشراكة الأوروبية، بل سنذهب إلى جنوب شرق آسيا حيث الصين والهند متجاورين والخلافات الحدودية لا تزال مطروحة لكن قادة البلدين اختار الخيار الأفضل، وهو التعاون ونبذ الخلافات.

 

  • الخلافات الحدودية أشعلت الحرب الصينية – الهندية من قبل وكذلك حرب الرمال بين المغرب والجزائر

تتشابه الحالة الصينية الهندية مع الحالة الجزائرية المغربية بشكل كبير، وكلاهم بعد الإستقلال والتحرير دخلوا في حرب عسكرية بسبب خلافات الحدود والسيادة واسترجاع بقية الأراضي.

20 أكتوبر عام 1962 هاجمت القوات الصينية الهند بعد استفزازات الأخيرة لها وقيامها بنشر قواتها على طريق بري كانت الصين قد أنشأته ليربط إقليم التبت و إقليم شينجيانغ، وانتهت هذه الحرب 21 نوفمبر من نفس العام وهي التي شهدت مجازر من الطرفين وتمكن القوات الصينية من الوصول إلى مشارف العاصمة الهندية.

أكتوبر من عام 1963 اندلعت الحرب المغربية الجزائرية بعد الكثير من الحرب الإعلامية بين البلدين وتدخل أطراف إقليمية وعالمية مثل مصر وكوبا لصالح الجزائر فيما تدعم الولايات المتحدة مطالب المغرب، اندلعت الحرب حتى 20 فبراير 1964 حيث نجحت جهود جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية والأطراف الإقليمية الأخرى في الضغط على الطرفين لإيقاف النزاع المسلح.

 

  • رغم الحربين لا تزال الخلافات قائمة … الحرب لا تحل الخلافات عادة

انتهت الحرب الصينية – الهندية وأيضا المغربية – الجزائرية لكن لا تزال هذه الدول على خلافات كبيرة بخصوص قضايا الحدود والسيادة على بعض المناطق، وهذا دليل واضح على أن الصراع العسكري لم يجدي نفعا ولم ينهي الخلافات الكبيرة.

الحرب في العادة لا تجلب إلا الخراب والخسائر المادية وفي الأرواح والممتلكات وجراحا كبيرة بين شعوب هذه البلدان تحتاج لسنوات طويلة كي تتعافى، بل إنها بحاجة إلى تعاون وتضافر اجتماعي اقتصادي كي يتخطى الجميع مرارة هذه الأحداث التي تعد بمثابة عار كبير بالنسبة للدول المتجاورة خصوصا إن كان يجمعها الدين واللغة والأصل والمصير ونفس التحديات والعقبات.

ورغم الإختلاف الكبير بين الصين والهند إلا أنهما يدركان انهما المسؤولان عن السلم والأمن في منطقتهما وعليهما منع حدوث أية حرب عسكرية لأنها ليست في صالحهما.

هاتين الحربين دليل قاطع على أن الخلافات الحدودية تحل بالحوار والتواصل واستعداد الطرفين للتفاهم بنوايا جيدة وأفعال وخطوات ذات شفافية، غير هذا الطريق لا يوجد حل.

 

  • ما بين اختيار التعاون الإقتصادي بين الهند والصين والقطيعة بين الجزائر والمغرب

هناك تشابه كبير بين الحربين اللتان تطرقنا إليهما، بل هناك تقارب زمني كبير بينهما كأن ما يحدث بين الصين والهند يعاد تمثيله في شمال أفريقيا بين المغرب والجزائر.

لكن بعد تلك النكسة في تاريخ هذه البلدان اختارت الصين والهند التركيز على التنمية الإقتصادية وتحسين معيشة شعوبهما والبحث عن المصلحة بالديبلوماسية والحوار، بل إنهما عقدا شراكة إقتصادية واتفقا على وضع الخلافات الحدودية جانبا واحترام الإتفاقيات الثنائية وترسيخ الإحترام والتعاون في مختلف المجالات، بالرغم من أنهما منافسان إقليميين في آسيا بل تعدى تنافسهما نحو أفريقيا ودول العالم والأسواق المختلفة.

في المقابل تم إغلاق الحدود البرية بين الجزائر والمغرب منذ 1994 وقد تضررت المدن الحدودية اقتصاديا بعد أن كانت رائجة فيما أعاقت هذه النقطة قضية الإتحاد المغرب العربي.

القطيعة بين البلدين مستمرة رغم التواصل الكبير بين الشعبين وعدم وجود علامات عداء كبير بينهما إلا لدى شريحة مهمة يحكمها الجهل في البلدين.

 

نهاية المقال:

إذا كنت تراهن على أن الحرب بين الجزائر والمغرب هي الحل للخلافات بين البلدين، فأدعوك لتقرأ عن الحرب الصينية – الهندية 1962 والحرب المغربية – الجزائرية 1963، هل حلت هذه الحربين خلافات هذه البلدان؟ بالتأكيد لا

فلماذا لا يختار المغرب والجزائر الطريق الذي سلكته الهند والصين؟ طريق التعاون الإقتصادي بالرغم من فشلهما في التفاهم حول النزاع الإقليمي لكن على الأقل اتفقا على أن تذهب الخلافات إلى الجحيم ومعها طبول الحرب التي لا تأتي إلا بالخراب.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

التعليقات مغلقة.