انهيار أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2020 – 2025

انهيار أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2020 - 2025

من الواضح أن أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي مناطق متشابهة في الكثير من الأمور، ودائما ما أنظر إلى القارة الأمريكية الجنوبية على أنها مرآة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

احتجاجات تشيلي والأزمة الاقتصادية في الأرجنتين وانهيار فنزويلا تهدد كل دول الجوار بما فيها كولومبيا والبرازيل.

أما احتجاجات لبنان والعراق والثورة في السودان والجزائر والحرب في اليمن وليبيا وسوريا فهي تهدد كل دول الجوار بما فيها دول الخليج والأردن والمغرب.

لا يجب أن نفصل كل أزمة عن أخرى، فالنيران عندما تشتعل تتمدد عندما تجد المزيد من الأشياء التي يمكن أن تشتعل فيها.

أعتقد أنه يجب أن نتفاءل بمستقبل منطقتنا والعالم لكن المعطيات تشير إلى أن هناك صدمات واردة قادمة:

  • الجيل الثاني من الخريف العربي

هناك من يتحدث عن الجيل الثاني من الخريف العربي أو ما يسمونه الربيع العربي، هذا الإصدار يستهدف القضاء على الأنظمة المتبقية في المنطقة.

بعد أن تدمير سوريا وليبيا واليمن والعراق، لا تزال مصر هدفا كبيرا حيث المعارضة تريد القضاء على السيسي وعزل الجيش المصري واخراجه من المشهد السياسي.

في الخليج العربي هناك عدم رضا على الأداء الاقتصادي للعديد من الدول هناك، وفي السعودية هناك من يرى ان اسقاط النظام الملكي يجب أن يكون الهدف بعد أن سمح قادة المملكة بالإنفتاح وتنظيم المهرجانات ومنح الحقوق المسلوبة للنساء.

ولا شك أن السعودية متضررة من الحرب في اليمن وصراعها من ايران، هذه الأخيرة أيضا تشهد من وقت لآخر احتجاجات لإسقاط النظام الديني هناك.

رغم الطائفية التي تحكم لبنان إلا أن الشعب اتحد ضد الفساد وضد القادة السياسيين ورأينا احتجاجات مستمرة منذ أسابيع تصل شعاراته إلى اسقاط النظام برمته.

في العراق الذي تحرر من داعش ولا تزال بعض المناطق مرشحة للفوضى، تواجه الحكومة الشباب الغاضبين من تدهور الوضع الاقتصادي.

أما الجزائر والسودان فتبدو الثورة بهما ناجحة إلى الآن ويتعامل النظام العسكري في البلدين مع الأمور بذكاء وحكمة إلى الآن لكن انتقالهما إلى وضع أفضل يبدو بعيد المنال.

في المغرب والأردن هناك غضب شعبي من الفساد والفشل الإقتصادي ويبدو أنه قد يتحول إلى استهداف النظام الملكي.

تضررت مختلف الدول العربية من الحرب اليمنية والسورية والليبية وكذلك دمار العراق وانهيار السودان وفشل تونس في الخروج من أزمتها الاقتصادية المتنامية.

حتى مصر التي نجحت فيها الإصلاحات المالية وأصبحت مجددا جاذبة للإستثمارات، يقول الكثير من مواطنيها أنهم لم يستفيدوا من ذلك بل تضرروا، وهناك معارضة عريضة في الداخل والخارج من الإسلاميين والعلمانيين ولا ننسى أيضا فوضى سيناء وتهديدات داعش المدعومة من الحرب الأهلية في ليبيا.

  • هجرة الشباب واللاجئين إلى أوروبا ودول أجنبية

كل هذه الفوضى تدفع الشباب إلى الإحتجاجات أو الهجرة نحو دول أخرى وهذا يضايق الدول المستقبلة لهؤلاء الناس ويجعل الإقتصادات المحلية خاسرة لرأس المال البشري.

أنظر إلى قنوات يوتيوب التي تعنى بالسفر للعيش والتعليم والتي تزدهر ويشجع فيها هؤلاء الشباب على اللحاق بهم.

وبتصفح التعليقات على فيس بوك والشبكات الاجتماعية يمكن أن تجد تعليقا مشهورا شائعا ألا وهو “اللهم هجرة”.

تدمير سوريا واليمن والعراق يدفع الملايين من هؤلاء يهاجرون إلى تركيا ولبنان والأردن وحتى مصر والمغرب والجزائر وهذا زاد من الضغوطات على اقتصادات هذه الدول، لكن هذا ثمن السكوت وعدم التدخل في هذه الأزمات لتسويتها سلميا دون قتل وهتك اعراض ومنع التدخل الخارجي.

  • أزمات اقتصادية ومالية متنقلة في منطقتنا

الوضع الاقتصادي السيء في سوريا أثر سلبا على دول الجوار ومنها لبنان والأردن وحتى تركيا التي خسرت تجارة تقدر بالمليارات من الدولارات مع دمشق.

الحرب التجارية بين تركيا والسعودية وبين قطر من جهة ضد السعودية والامارات ومصر والبحرين هي الأخرى زادت من الحمائية والقطيعة وانزلاق الإقتصادات في منطقتنا نحو المجهول.

تضررت مصالح مختلف الدول وأصبحت النار في طريقها إلى الجميع حتى الدول التي لا ناقة لها ولا جمل ستدفع ثمن صمتها، فمن يتفرج في بيت جاره وهو يحترق سيجد النيران تمتد إلى بيته.

الوضع الإقتصادي السيء في ليبيا أثر سلبا على تونس وتضررت منطقتنا المغاربية هي الأخرى من الحرب الأهلية الليبية وكذلك من القطيعة بين الجزائر والمغرب.

  • أمريكا اللاتينية … البداية من فنزويلا

كانت فنزويلا بخير وهي بلد نفطي حتى انهار سعر النفط وتراجع عن أقل من 100 دولار حينها دفع البلد برمته خطأ الإعتماد على صناعة واحدة.

شكل ذلك إنذارا للسعودية والكويت والدول النفطية الأخرى لنرى رؤية 2030 كاستجابة سريعة من الرياض.

الآن تجاوز التضخم في فنزويلا 10 مليون في المئة وتخلفت عن سداد العديد من ديونها وشهدت احتجاجات وحربا أهلية وتدخل أجنبي كما العادة.

وبالمقربة منها عدة دول تعاني من ملايين اللاجئين الفنزويليين الذي تعدى عددهم 3 مليون نسمة.

سقطت الأرجنتين رسميا في الأزمة المالية والإقتصادية خلال أغسطس الماضي، وهذا في عهد رئيس صديق لدونالد ترامب وللولايات المتحدة والذي خسر الإنتخابات بطريقة مذلة، وهذا البلد معرض لإعلان افلاسه للمرة التاسعة أو العاشرة في تاريخه!

ثم رأينا احتجاجات تشيلي التي تعد بلدا منفتحا وناجحا اقتصاديا لكن شعبها اختار تدميرها بالعنف لتصبح 300 ألف وظيف في خطر وتفقد عملتهم 15 في المئة من قيمتها.

ولم تعد كولومبيا والبرازيل وعدد من الدول في القارة بمأمن مما يحدث في تلك الدول، فمع أي زيادة للأسعار أو تباطؤ اقتصادي يمكن أن نرى احتجاجات وعنف يدمر حتى المكتسبات.

  • هل نحن أمام انهيار شامل أم تصحيح مسار؟

من الصعب التكهن بما سيحصل مستقبلا في هذه المناطق، لكن الدول في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتأثر ببعضها البعض.

ما يحصل ربما قد يأتي بنتائج إيجابية منها إقامة أنظمة ديمقراطية وإصلاح العملات بتعويمها وانفتاح الاقتصاد وزيادة المبادلات التجارية بين هذه الدول والتخلي عن الحروب والاقتتال الداخلي المكلف.

لكن أيضا يمكن أن يؤدي الوضع الحالي إلى مجموعة من الدول التي لا تنتهي فيها الصراعات والأزمات الاقتصادية تراوح مكانها لتضيع حياة جيل كامل في السعي وراء الديمقراطية والعيش الكريم.

السنوات الخمسة القادمة ستكون مهمة لهذه المناطق وسنرى تغييرات كبرى وربما سقوط انظمة جديدة أو إصلاحات أكثر فعالية بينما الأزمات المالية والإقتصادية ستكون مدعومة من الاحتجاجات والأزمة المالية العالمية القادمة!

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز